الداخلة: المستشارة زينب “الكوري” تقدم مرافعة بإسم ساكنة حول وضعية المستشفى الحسن الثاني للمسؤولين
الداخلة مباشر-متابعة
بسم الله الرحمن الرحيم. وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أيتها السيدات أيها السادة
اسمحوا لي في البداية أن أعلن فيكم أن تناولي للكلمة ضمن اشغال هذا المجلس في موضوع واقع قطاع الصحة محليا وإقليميا وجهويا، لن يكون من قبيل التداول العادي فيما يؤطره القانون، بل سيكون صرخة المواطن العادي الذي يشهد بأم عينيه يوميا على كارثة انسانية يلتزم فيها الجميع الصمت، بل حينما يسأل عنها الوزير الوصي في قبة البرلمان يتهرب عن الإجابة الحقيقية وكأن التنمية البشرية تسير عندنا بسرعتين مختلفتين وبرؤى متناقضة. اسمحوا أن أقول مع جميع ساكنة هذه المدينة التي ترتاد مستشفى الحسن الثاني يوميا وتتمرغ كرامتها بين دهاليزه بدون حسيب أو رقيب: اللهم إنا هذا منكر… اللهم إني قد بلغت فاشهد “.
ولأكون موضوعية، حتى لا نقذف بالمسؤولية بشكل عشوائي، أود أن أورد بعض المؤشرات الدالة على الوضع المأساوي للقطاع الصحي بهذه الربوع:
أولا: افتقار مستشفى الحسن الثاني للأدوات البسيطة للعلاج وتعطل أجهزة ساهمت فيها المجالس المنتخبة بالقسط الوافر من الاعتمادات المالية في مقابل مطالبة المرضى بشراء المعدات واللوازم الطبية من محلات مقصودة بعينها، أليس هذا ترصدا معلنا بجيب المواطن ورهن صحته بتوفره على الامكانيات المادية من عدمها؟؛
ثانيا: تدني الخدمات المرفقية لمستشفى البحسن الثاني على وجه التحديد ومن خلاله للمراكز الصحية، والأمر لايتعلق بالأطقم الطبية التي نحييها على جهودها، بل لافتقار هذه الأطقم لأدنى وسائل العمل، وهو ما عبرت عنه في عذة مناسبات وأشكال احتدجاجية، لا تغير في الأمر شيئا في مقابل تمتع المستشفى بصفة المركز الاستشفائي الجهوي، بربكم ، وبدون مزايدات، هل يتوفر هذا المرفق الخدماتي الصحي على مواصفات المراكز الاستشفائية الجهوية؟؛
ثالثا: تدني مستوى النظافة والتخلص من النفايات الطبية الخطيرة، في مقابل أداء المواطن البسيط لواجبات الاستشفاء. فأين نحن من حكامة القطاع في ظل المبادئ المعلنة للجودة بالدستور ؟
رابعا: توقيفات خيرة الأطباء والأطقم الصحية وشبه الطبية وعرض بعضها المشهود لها بالنزاهة على أنظار المجالس التأديبية ، في مقابل إعلان باقي الأطباء المتخصصين لاستقالاتهم الجماعية ، إيذانا بأن الوضع لم يعد مطاقا، وأن الجميع مصمم على الرحيل آجلا أم عاجلا. فمن المنقذ، بل قبلها من المتسبب في هذا الوضع اللامهني؟
خامسا: تسجيل حالات الوفيات خاصة للولادات والأمهات ، وهي حالة لم يكن يشهدها مستشفى الحسن الثاني في أزمنة كانت فيها التجهيزات محدودة، ولكن الإرادة التدبيرية فيها قوية؟
سادسا: ماذا يعني التدبير العشوائي لمصلحة مرضى كوفيد والتذبذب القائم على مستوى الأطقم المسيرة له؟ بماذا نفسر مغادرة كل الممرضات بقسم الولادة ومعهم مغادرة الطبيبات والأطباء وتعريض حياة الأطفال والأمهات للخطر؟
سابعا: كيف يمكن للمرء أن يصدق تدبير مركز استشفائي بالنيابة وكأن بلادنا جفت من الأطر وكأن الجهة لا تتوفر على إطار يستطيع أن يدبر هذا المرفق ويعيده لسكة الصواب؟
هذه المؤشرات، أيتها السادة والسيدات، لا يمكن أن تستقيم وبلادنا تنشد مع النموذج التنموي الذي أٍاده جلالة الملك محمد السادس نصره الله قطيعة مع الماضي، وانتقالا لمغرب الجهات مغرب تعبئة الكفاءات لرفع التحديات وتحقيق الرهانات.
أدعوكم أيتها السيدات، أيها السادة لتفحص المؤشرات الصحية بهذه الربوع التي تنذر بالكارثة، والتي تشكل أدنى مستويات ما ينبغي أن يكون عليه الأمر ونحن نراهن على مستقبل جهة ومستقبل وطن. عودوا لتقارير المندوبية السامية للتخطيط والمرصد الوطني للتنمية البشرية، بل تصفحوا تقارير المجالس الجهوية للحسابات ومعها الاحصائيات المعتمدة من قبل الوزارة الوصية نفسها.
السيد الرئيس، السيد الباشا، أيتها السيدات والسادة أعضاءاء المجلس الموقر:
سأقول لكم، ودون حاجة لأن نسمع لتبرير الوضع المأساوي للقطاع الصحي، أو التماس الأعذار التي لا يمكن السماح بها أمام صحة وحياة المواطنين الذين انتدبونا لأجل تمثيلهم والترافع عن قضاياهم. ولسنا في حاجة للخروج بتوصية أو ملتمس وذلك أضعف الايمان فيما يتيحه التداول بهذا المجلس.
بل أقول، إن كنا حقا نريد أن ننتصر لقضايا الساكنة في مجال الصحة، تقديم رسالة مفتوحة لرئيس الحكومة ومعه للديوان الملكي مختصرة ومفيدة:
أنقذوا الصحة بالداخلة، أقرنوا المبدأ الدستوري للمسؤولية بالمحاسبة، لإدارة جهوية عمرت لأزيد من 14 سنة دون طائل، وإدارة إقليمية ومحلية لا تؤثر ولا تتجاوب لا مع محيطها الطبي والتمريضي ولا مع آهات الساكنة.
وتحية مني مرة أخرى للأطقم الطبية والتمريضية على تفانيهم لأجلنا، ونقول للمسؤولين عن الصحة محليا وإقليميا وجهويا، سارعوا بتقديم استقالاتكم على الأقل لترك الفرصة لمن يتحلون بالمواطنة الصادقة في التدبير والتسيير.
كما أدعوا المجلس ببعث رسالة مستعجلة للفت النظر للمجلس الجهوي للحسابات لأن أمر الصحة بهذه الربوع لا تحتاج لطبيب يداوي جراحها بل هي في أمس الحاجة للكي وهو آخر الدواء عند أجدادنا رحمة الله عليهم.